المشاركات

الطريق إلى اليقين

الطريق إلى اليقين: عبادة الله تعالى، (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ). بعد أن كتبت هذا الكلام، جاءني شك في صحة هذا الاستدلال، ثم بحثت عند المفسرين ووجدت في كلام الشيخ محمد أبي زهرة رحمه الله ما يؤيد ذلك، فقد قال: (الكثرة الكبرى من المفسرين يقولون: إن اليقين هنا هو الموت، ويكون المعنى على هذا حتى يأتيك الأمر الذي لَا يرتاب فيه وهو اليقين الثابت بالموت، إذ يكون اليقين ثابتاً بالاعتقاد، حتى يكون الموت، فيكون ثابتاً بالعيان لا بالبرهان وهذا الكلام يشير إلى حقيقتين ثابتتين: الحقيقة الأولى: وجوب العبادة طوال الحياة حتى الممات. والحقيقة الثانية: فيه إشارة إلى أن العبادة تزيد اليقين فيزداد المؤمنون إيماناً إلى إيمانهم).

(وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ)

عندما قال الله لموسى (وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ) كأنه يقول له: لا تتعلق بالأسباب ولا تأنس بها وتعلَّق برب الأسباب فهو القادر على كل شيء، فبعد أن كان يأنس بعصاه التي قال عنها: (هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى)،  أمره الله بإلقائها وتحولت إلى حية تسعى، وفي سورة طه قال الله له عند ذلك: (خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى)، فبعد أن خاف موسى من العصا التي تحولت لحية تسعى، طمأنه الله ونهاه عن الخوف وأراه اللهُ عظيمَ قدرته، فأعادها كما كانت، حتى لا يتعلق قلبُه إلا بالله تعالى.     ثم قال في سورة طه:   (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى. لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى) فرأى موسى عليه السلام آية أخرى من آيات الله وعظيم قدرته،  وبعد أن أيقن موسى عليه الصلاة والسلام بقدرة الله تعالى وتعلَّقَ قلبُه بالله وحده، قال له الله في سورة طه: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) فمن كان في هذه الدرجة العالية من الإيمان، سَهُلَ عليه محاربة الطغيان

بين رَحِم النسب ورَحِم العلم!

كما أن أخوة النسب يجمع بينهم الاشتراك في النسب، فإن أخوة العلم يجمعهم الاشتراك في العلم والمعرفة. وكما أن التعاون والمحبة والمودة تحصل بسبب قرابة النسب، فإن التعاون والمحبة تحصل أيضاً بسبب قرابة العلم. وكما أن في أخوة النسب الكثير من الأمور المشتركة بينهم، فإن في أخوة العلم كذلك الكثير من الأمور المشتركة.. وكما أن أُخوَّة النسب يشتركون في أصول واحدة، فإن أُخوَّة العلم يشتركون في أصول العلم. وكما أن أُخوَّة النسب لهم أصول وفروع، فكذلك أُخوَّة العلم. وكما أن أُخوَّة النسب يتشابهون في كثير من الجوانب، فإن أُخوَّة العلم يتشابهون كذلك.  وكما أن أُخوَّة النسب يزيدون بالتوالد، فإن العلم يزيد بتوالد المعاني والأفكار.. 

لماذا الحرص على التوسع في العلم؟!

قد يقول قائل: لماذا الحرص على التوسع في العلم مع أن القليل منه قد يكفي! والجواب عن هذا أن العلم سلاح، وإنك لا تدري متى تحتاج إلى سلاحك.. فربما استغنيت عن بعضه في فترة ما، إلا أنك ستراه أحوج ما تكون إليه، وذلك حين يأتي من يحارب العلم بأسلحة ثقيلة من الأوهام والشبهات، فتحتاج معها إلى أسلحة قوية ومتطورة من العلم.. فتقصف هذه الأوهام بطيران العلم الجوي! وتحتاجه حين تعصف بك رياح التغيرات وتلتطم أمواج الحياة، فلا تجد مُنقذاً كالعلم، ولا ملاذاً كالفهم..  والعلم كذلك منبعٌ لا ينضب، وإنك لَمحتاجٌ إلى نبعه حين تتيه في الصحراء، وتفقد الغذاء والدواء، فلا تجد غذاء كالعلم.  والعلم طاقة متجددة، وكلما قويت هذه الطاقة، زاد نورُها وشعاعُها، وعَظُمَ تأثيرُها ونفعُها..      

المعنى له طبقات

رُبَّ كلامٍ تقرؤه، وعندما تعيد قراءته بعد فترة تعجب من الفوائد التي لم تجدها في قراءتك السابقة له، وربما شككت في أنك قرأته سابقاً.. ولعل ذلك لأنَّ المعنى له طبقات، فقراءتك له في المرة الأولى تجعلك تعرف طبقة من طبقاته.. وعندما تعيد قراءته بعد أن تكون في مرحلة متطورة عن قراءتك السابقة، تفهم منه ما لم تكن قد فهمته من قبل، وتنظر من زوايا مختلفة. فاستفادتك من الكلام هو على قدر علمك وعقلك. وكلما كان الكلام عميقاً كانت طبقاته أكثر، واحتجت إلى قراءات كثيرة لفهمه وإدراكه.

طعام الكبار ربما يكون سُماً للصغار

طعام الكبار ربما يكون سُماً قاتلاً للصغار، وطعام الصغار قد لا يشبع الكبار. والعجيب أن بعضهم لا يفرق بين المتخصص وغيره، فيخاطب غير المتخصص بكلام لا يمكن له أن يفهمه على وجهه الصحيح، أو يخاطب المبتدئ وكأنه يخاطب عالِماً.. هذا الكلام ليس المقصود منه الانتقاص لأي طرف، ولكن المقصود هو الحذر من الفهم المغلوط الذي يكون سببه عدم مراعاة حال المخاطب ومستواه العلمي. وقد لاحظت أن عدداً من الناس يفهم بعض الكلام على غير وجهه، فيسيء إلى صاحب الكلام، ويسيء إلى الحقيقة.

بين العلم والطعام

ـ كما أن من الطعام ما هو غذاء ومنه ما هو دواء، فكذلك العلم بعضه غذاء لا يمكن الاستغناء عنه بحال، وبعضه دواء يُؤخذ في حالات معينة.. وكما أن من الطعام ما يسبب مشاكل في الجسم، فكذلك بعض المعلومات تسبب ارتباكاً في العقل.. وكما أن من الطعام ما هو شهي ولذيذ ولكنه مضر بالجسم، ومنه ما هو مفيد للجسم ولكنه ليس لذيذ الطعم، فكذلك مِنَ العلم ما يكون ممتعاً ولكنه مضر، ومنه ما يكون مفيداً وليس ممتعاً.. وكما أن من الطعام ما يعد وجبة أساسية ومنه ما هو من المقبلات، فكذلك مِنَ العلم ما يكون أساساً وأصولاً، ومنه ما يكون من مُلَح العلم ونكته وطرائفه.. ولهذا على معلِّم العلم أن يكون عنده الحكمة لِيعرفَ أين يضع العلم في موضعه، وليعرف مَن يخاطب فيعلِّمه ما يُصلحه ولا يفسده.   

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أهدي هذه الأبيات إلى والدي العزيز وزوجته الفاضلة بمناسبة زواجهما المبارك..

بركة العلم !

لماذا كان النبي عليه الصلاة والسلام أولى بنا من أنفسنا؟